بدون إيمان، وبدون تحقيق للإسلام، فهذا هو
الهلاك بعينه، ومن تحقيق الإسلام تجنب أخلاق الكفار وعاداتهم التي هي خاصة بهم.
قوله: «وأنا أذكر من
ذلك نكتًا لمذهب الأئمة...» بعد أن ذكر الأدلة من كلام الخلفاء الراشدين
والصحابة الكرام رضي الله عنهم، يشرع الآن بذكر أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم في
منع التشبَّه بالكفار، مما يدلّ على انعقاد الإجماع على هذا الأمر.
قوله: «فمن ذلك: أنَّ الأصل المستقر في مذهب أبي حنيفة أنَّ تأخير الصلاة عن أول الوقت أفضل من تعجيلها» ولذلك تجدهم يُصلُّون بعد الناس، وأما الجمهور، فهم على العكس حيث يقولون: إنَّ الأصل تقديم الصلاة في أول وقتها؛ لأنَّ في ذلك مبادرة إلى الطاعة، وتفريغًا للذِّمّة، إلاَّ في أحوال يُستحبّ تأخير الصلاة فيها، لوروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ([1])، ومثل ما إذا كان هناك غيم فيؤخِّرون من أجل التأكُّد من دخول الوقت، وإلاَّ فالأصل عند الجمهور أنَّ الصلاة في أول الوقت أفضل.وأمّا المغرب بالذات فإنها تُصلّى في أول وقتها حينما تغرب الشمس، ويُتحقق من غروبها؛ لأنَّ تأخيرها فيه تشبّه باليهود، وكذلك تأخير الإفطار، فإنَّ اليهود لا يؤدّون عباداتهم التي علَّقها الله بالغروب إلاَّ إذا اشتبكت النجوم، واشتدت الظلمة، ونحن منهيّون عن التشبّه بهم، ومأمورون بتعجيل صلاة المغرب، وتعجيـل الإفطار عنـد
([1])أخرجه: البخاري رقم (536)، ومسلم رقم (615).