×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

قوله: «ولا يكره تماثيل غير ذي روح لأنه لا يعبد...» يعني: لا يكره تصاوير غير ذوات الأرواح، كالأشجار والجبال والمباني والمصنوعات والآليات والبحار؛ لأنَّ النهي إنما هـو عن تصوير ذوات الأرواح، أما الأشياء التي ليس فيها روح فلا يُمنع من تصويرها، كما قال ابن عباس للذي كان يصنع الصور، ونهاه عن ذلك، وقال له: إن كنت لا بُدَّ فاعلاً، فصوّر الشجـر وما لا روح فيه، أو ما هذا معناه من كلامه رضي الله عنه.

قوله: «وقالوا أيضًا: إن صام يوم الشك ينوي أنه من رمضان...» المقصود هنا: أنَّ الله أوجب علينا صوم رمضان، وعلَّق الصيام والإفطار بالرؤية فقال: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ - يعني: لم يظهر لكم الهلال بسبب الغيم أو القتر - فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ» ([1])، فنحن نصوم بأحد أمرين: إما برؤية الهلال، وإما بإكمال شعبان ثلاثين يومًا، ولا يجوز للإنسان أن يصوم يوم الشك على أنَّه من رمضان، ويقول: هذا من باب الاحتياط، فقد جاء في الصحيح قول عمار بن ياسر: الذي يصوم في اليوم الذي يُشكُّ فيه قد عصا أبا القاسم صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ هذا وسيلة إلى الزيادة على ما فرض الله، فقد يصوم زيادة على الشهر، ويتقدمه بيوم أو يومـين، ويقول: هذا من باب الاحتياط، وهذا فيه تشبه أيضًا بأهل الكتاب، فإنهم غيّروا صيامهم، وزادوا فيه وأنقصوا، وتلاعبوا فيه.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1907)، ومسلم رقم (1081).