بل قد ذكر
طوائف من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما كراهـة أشياء لما فيها من
التشبّه بأهل البدع، مثـل ما قال غـير واحد من الطائفتين، ومنهم عبد القادر:
ويُستحب أن يتختَّم في يساره للآثار، ولأنَّ خلاف ذلك عادةٌ وشعارٌ للمبتدِعة.وحتى
إنَّ طوائـف من أصحـاب الشافعي استحبـوا تسنيم القبور، وإن كانت السُّنَّة عندهم
تسطيحها، قالـوا: لأنَّ ذلك صار شعارًا للمبتدعة.
***
قوله: «بل ذكر طوائـف من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما: كراهة أشياء لما فيها من التشبّه بأهل البدع...» بعد أن ذكر الشيخ رحمه الله إجماع العلماء على تحريم التشبّه بغير المسلمين، من سائر الطوائف الكافرة، وذكر مستند ذلك من الكتاب والسُّنَّة، وذكر أنَّ من العلماء من لا يقتصر على مخالفة الكفار، بل إنَّه يرى مخالفة المبتدِعة من الفرَق الإسلامية، والمبتدِعة: جمع مبتدع، وهو الذي يعمل بدعة في الدين، أو يحدثها، إما أن يعمل ببدعة موجودة، وإما أن يُحدث هو بدعة، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وفي رواية: «وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، قال صلى الله عليه وسلم: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ» ([3]). فالبدع: هي إحداث شيء في الدين
([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).