من الأمور التي هي ليست من ديننا، ولا ممّا شُرع لنا، مما يدلّ على أنَّ أكثر الناس لا يحلو في ذوقهم إلاَّ ما كان من الكفّار، وهذا فيه استشعار بالنقص للضعف الذي في نفوسهم؛ لأنهم لم يدركوا قوّة الإسلام، ولا عزَّته، ولا التشرّف به، لم يدركوا هذا، وإنما يرون الكمال إنّما يكون بتقليد الكفار، ولذلك هُم يتشبّهون بهم. فينبغي أو يجب التنبّه لهذا الأمر؛ لأنَّ استجلاب هذه الأمور من الكفار من شأنه أن يغيّر من دين الإسلام، ويقلِّل من شأنه، ويولِّد الاعتقادَ بأنه ناقص، وهذا أمر خطير جدًّا. ولذلك القاعدة العامّة: أنْ لا نتشبّه بالكفار، لا في عباداتهم، ولا في عاداتهم الخاصة بهم، لدرجة أنه لو وُجِدَ عندنا سلاح فتّاك يكفي لصدِّ الأعداء والدفـاع عن أنفسنا، فإنه ينبغي لنا أن لا نستعمل سلاح الكفار، لأننا لسنا بحاجة إليه، فكيف بغير ذلك من الأمور؟ ولكن كما ذكرنا فقد صار المستساغ عند كثير من المسلمين هو تقليد ما عليه الكفار، فتراهم يتسابقون إلى ذلك كأنهم يشعرون أنَّ الإسلام فيه ضعف، وأنه ناقص وليس بكامل! وهذا أمر خطير جرَّ المسلمين إلى الذلّة والاستجداء، وأنهم كما وصفهم الكفار: أمّة متخلّفة، أو أمّة نامية، فمِمّا يُؤسَف له أن يُقال عن المسلمين: أنهم أمة ناميـة، مع ما في هذه الكلمة من معنى النَّقص والتخُّلف عن رَكْب الأمم المتقدِّمة. وما حصل ذلك إلاَّ لأنَّ المسلمين صاروا أتباعًا للكفار، يتلقّفون منهم الثقافة وكل شيء، بسبب تعطيل العمل بشرائع الإسلام مع ما فيه من المنافع، والاكتفاء بمجرّد الانتساب إليه،