×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 القادم، أو القيام لمساعدته في الدخول أو الجلوس، فهذا مما لا بأس فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار - لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه على حمار، وكان جريحًا: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» ([1])، فدلَّ على المنع من القيام المجرد من غير حاجة إليه.

قوله: «وهو فيما ينهى عنه من التشبّه بأهل الكتاب والأعاجم وفيما ليس من عمل المسلمين أشد من الكوفيّين وأبلغ، مع أن الكوفيّين يبالغون في هذا الباب» يعني: أنَّ مذهب مالك رحمه الله أشد من مذهب الكوفيّين، مع ما في مذهب الكوفيّين رحمهم الله من الاهتمام بهذا الأمر، والتحذير من التشبّه بالكفار في مفرداته السابقة، إلاَّ أنَّ مذهب مالك أشد في هذا الأمر، مما يدل على أنهم كانوا يكرهون التشبّه بالأعاجم كراهية شديدة.

قوله: «حتى تكلم أصحاب أبي حنيفة في تكفير من تشبّه بالكفار...» يعني: بلغ من تشدُّد الحنفية - وهو تشدد بحق - أنهم حكموا بكُفر من فعل ذلك، مع أنَّ هذا فيه نظر وتفصيل كما سبق، ولعلَّ هذا أخذوه من قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» فأخذوه على ظاهره، وقد سبق كلام الشيخ رحمه الله بأنَّ هذا الحديث في أقل أحواله يدلّ على تحريم التشبّه بغير المسلمين، وإن كان ظاهره يقتضي الكفر.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3043)، ومسلم رقم (1768).