×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 ولكنه أمر بمخالفة اليهود، فأمرنا أن نصوم يومًا قبله أو يومًا بعده.

قوله: «وذكروا أيضًا: الشروط على أهل الذمة...» يعني: أنَّ الشافعية ذكروا الشروط العمرية التي وضعها عمر رضي الله عنه، وأوجب على أهل الذِّمَّة أن يلتزموا بها، من أجل تميُّز المسلمين عن الكفار، وعدم تشبّه المسلمين بالكفار، أو تشبّه الكفار بالمسلمين، حتى يُعرف أنَّ هذا مسلم، وهذا غير مسلم، لئلا يحصل الامتزاج والتميّع، وهذا مما يدلّ على بُطلان التقارب معهم. وبالغ طائفة منهم، فنَهَوا عن التشبّه بأهل البدع فيما كان في الأصل شعارًا لهم، وإن كان في الأصل مسنونًا، كما ذكره طائفة منهم في تسنيم القبور، فإنَّ مذهب الشافعي: أن الأفضل تسطيحها، ومذهب أحمد وأبي حنيفة: أن الأفضل تسنيمها، ثم قال طائفة من أصحاب الشافعي: بل ينبغي تسنيمها في هذه الأوقات؛ لأنَّ شعار الرافضة اليوم تسطيحها، ففي تسطيحها تشبّه بهم فيما هو شعار لهم. وقالت طائفة: بل نحن نسطِّحها، فإذا سطّحناها لم يكن تسطيحها شعارًا لهم. واتفقت الطائفتان على النهي عن التشبّه بأهل البدع فيما هو شعار لهم، وإنما تنازعوا في أن التسطيح هل يحصل به ذلك أم لا؟ فإذا كـان هذا في التشبّه بأهل البـدع، فكيف بالكفار؟ وأما كلام أحمد وأصحـابه في ذلك فكثير جدًّا أكثر من أن يحصر، قد قدَّمنا منه طائفة من كلامه عند ذكر النصوص، عند قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1]) وقوله: «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى؛


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وابن أبي شيبه رقم (33016)، والبزار رقم (2966).