×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

بل الأعرابُ منقسِمون إلى أهل جَفاء، قال الله فيهم: ﴿ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٩٧ وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ [التوبة: 97- 98]. وقال الله تعالى فيهم: ﴿سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا ١١ بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا [الفتح: 11- 12].

****

الأعراب ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: أهل جفاء ذكر الله تعالى ذمّهم في سورة التوبة في هاتين الآيتين، بقوله: ﴿ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا. وقوله: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَآئِرَۚ. وذكر في سورة الفتح أيضًا ذمًّا لهم، فقال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ، أي: الذين تخلَّفوا عن الغزو معك بادِّعاء أنَّ لهم عذرًا يمنعهم مـن الخروج، وهم في الحقيقة كاذبون، وكان هذا في خروج النبي صلى الله عليه وسلم للعمرة التي صده عنها المشركون، وانتهى الأمر في صُلح الحُديبية، فقد تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الشِّدة وتأزُّم الأمور بين الرسول صلى الله عليه وسلم وكفَّار قريش من أهل مكة، فلقد تخلفوا عن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا كما ذكر الله: ﴿شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا ولكن فضحهم الله جل وعلا وبيَّن أنَّ سبب تخلُّفهم ليس شغل الأموال والأولاد، وإنما الذي  


الشرح