خلَّفهم هو عدم الإيمان والقنوط من النصر، ولهذا قال في حقِّهم: ﴿يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾، وقال: ﴿قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيًۡٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ﴾. ثم بيَّن السبب الحقيقي الذي أخرهم بقوله: ﴿بَلۡ كَانُواْ لَا يَفۡقَهُونَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [الفتح: 15] أي: إنَّ الذي أخرهم هو عدم إيمانهم، وليس هو عذر الأموال والأولاد، وإنما هو عدم الإيمان في قلوبهم. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ظنوا أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيُقضى عليهم، وأنهم لا يرجعون، ولهذا فضحهم الله بقوله: ﴿بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا﴾. يعني: هالكين، والسَّبب هو خُلُوّ قلوبهم من الإيمان، إضافةً إلى سوء الظن بالله عز وجل واعتقادهم أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه سيُقضى عليهم ولن يرجعوا، ولن ينتصروا على عدوهم، ففضحهم الله جل وعلا وأبدى مخازيهم. ثم لما رأوا المسلمين سيغزون خيبر، وفيها ما فيها من الأموال، والمزارع، ومن الخير الكثير، قالوا: ذرونا نتبعكم، قال تعالى واصفًا حالهم وقولهم: ﴿سَيَقُولُ ٱلۡمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقۡتُمۡ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأۡخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعۡكُمۡۖ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَٰمَ ٱللَّهِۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمۡ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبۡلُۖ فَسَيَقُولُونَ بَلۡ تَحۡسُدُونَنَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَفۡقَهُونَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾ [الفتح: 15] فهم حينما جاءت الغزوة التي فيها مغانم تقاطروا على الرسول صلى الله عليه وسلم، يطلبون منه أن يخرجوا، ولكنَّ الله منعهم من ذلك، عقوبة لهم على تخلّفهم الأول، وأمر رسوله أن يقول لهم: ﴿قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمۡ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبۡلُۖ﴾،