فلمّا منعهم الله سبحانه وتعالى أردفوا ذلك بكلام أقبح من الأول، فقالوا: ﴿بَلۡ تَحۡسُدُونَنَاۚ﴾ فقال الله جل وعلا: ﴿بَلۡ كَانُواْ لَا يَفۡقَهُونَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾. وهذا مثل قوله في أول الآيات: ﴿ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ﴾ فذكر أنهم لا يفهمون الكلام إلاَّ قليلاً، ثم إنَّ الله تحداهم فيما إذا كانوا صادقين في طلب الجهاد، فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُل لِّلۡمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَۖ﴾ [الفتح: 16]. والمراد بذلك غزو أهل اليمامة لما ارتدوا عن دين الإسلام، وأهل اليمامة أهل بأس شديد، ولهذا قيل لهم: إن كنتم صادقين إذا حانت هذه الغزوة فاخرجوا مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال - جلَّ شأنه -: ﴿سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنٗاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ كَمَا تَوَلَّيۡتُم مِّن قَبۡلُ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا﴾. فهذه الآيات كلها في هذا السياق، مما يدلُّ على أنَّ الأعراب يتَّصفُون بعدم الإيمان وسوء الظَّنِّ بالله سبحانه وتعالى بالإضافة إلى ما هُم فيه من صفات الجشع والطمع وحُبِّ الدُّنيا وإيثارها على الآخرة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد