×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وإلى أهل إيمان وبِر، قال الله فيهم: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 99].

وقد كان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممَّن وَفَد عليه ومن غيرهم مـن الأعراب، مَن هو أفضلُ من كثيرٍ من القرويِّين.

***

  القسم الثاني من الأعراب: أهل إيمان وبر، والله جل وعلا لا يظلم أحدًا، فإنه لـمّا ذمَّ الأعراب، وذكر مخازيهم، استثنى منهم أهل الإيمان والبر، فقال: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ، فقوله: ﴿مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ، هذا في مقابل قوله: ﴿ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا [التوبة: 97]، وقوله: ﴿وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ في مقابل قوله: ﴿يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغۡرَمٗا [التوبة: 98] أي: هم يعتبرون الإنفاق في سبيل الله خسارة وغرامة، ولا يعتبرونه قربة وطاعة لله سبحانه وتعالى.

ذكرنا أنَّ الشيخ رحمه الله يبيِّن في هذا الكتاب حكم الأعراب على سبيل الإجمال، وحكمهم على سبيل التفصيل. والأعرابية في الجملة مذمومة؛ لأنها يغلب على أهلها الجفاء والجهل بأحكام الدين، وكذلك النفاق، وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر، لكن ليسوا كلهم كذلك، فالله سبحانه وتعالى قد استثنى منهم طائفة آمنت بالله وبرسوله، وزالت عنها هذه الصفة المذمومة؛ لأنَّ الإسلام الصحيح يقضي على الصفات المذمومة، ويُحل محلَّها الصفات الطيبة المحمودة.قَال َ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ


الشرح