بالعمل، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾، فقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ﴾ وهما آدم وحوّاء عليهما الصلاة والسلام. وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ﴾ قيل: الشعوب للعجم، والقبائل للعرب، والأسباط لبني إسرائيل. وإنّما جعلهم شعوبًا وقبائل لأجل التواصل والتعارف وصلة الأرحام، ففي الحديث: «تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ» ([1])، فالترغيب في معرفة النسب ليس على وجه الفخر، وإنما لأجل التواصل والتقارب، وهذا أمر محمود. أما من ناحية الفخر، فلا يُفتخر بالنسب، وإنما الفخر يكون بالتقوى، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ سواءً كان من العرب أو من العجم، أو من البيض أو من السود، بل كما قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ هذا هو المعتبر عند الله. فالله جل وعلا لا يعتبر النسب، وإنما يعتبر التقوى، ولهذا قال: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ ١٠١ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [المؤمنون: 101- 102] دون نظر إلى نسب. وقال: ﴿وَمَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فِي جَهَنَّمَ خَٰلِدُونَ﴾ [المؤمنون: 103] دون النظر إلى نسبه.فلم يضرَّ سلمان وبلالاً وصهيبًا، أنهم من العجم، وأنهم موالي، ولم ينفع أبا لهب وأبا جهل أنهم من قريش، ومن صميم العرب لـمّا لم يؤمنوا بالله ورسوله. والمراد بالعُبّـِيّة في الحديث: المفاخرة بالأنساب حيث لا تنفع العُبِّـيّة والفخر أبدًا، إنما يكون النفع بالتقوى كما ذكر سبحانه وتعالى.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (1979)، وأحمد رقم (8868).