×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ ٢٠٠ وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ٢٠١ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ [البقرة: 198- 202].

فأبطل الله ورسوله هذه العادة الجاهلية، عادة اتخاذ الحج لأجل التفاخر بآبائهم وقبائلهم، وتعداد محاسنهم، وأمرهم بذكر الله عز وجل بدلاً من ذلك؛ لأنَّ الحج إنما شُرع لأجل ذكر الله، ولم يُشرع لأجل التفاخر بالآباء والأجداد والأحساب والأنساب؛ لأنَّ هذا كلَّه من شأن دين الجاهلية. وعلى هذا فإنَّ الذي يحاول أن يتخذ الحج وسيلة للمظاهرات وإظهار الفخر على الآخرين، ويغتنم اجتماع الناس في الحج لأجل مدح دولته، أو مدح مذهبه أو مدح رئيسه أو ما أشبه ذلك، فإنما فعلَ شيئًا من أمور الجاهلية. فالأصل في المسلمين أنهم يعبدون الله عز وجل ربًّا واحدًا، ويتقربون إليه ويذكرونه في هذه المشاعر العظيمة، ولا يذكرون معه أحدًا من الآباء، أو من الرؤساء، أو من الملوك، أو من البلاد، وما شابَهَ ذلك من التفاخر بالأحساب والأنساب، فهو كلُّه من أمور الجاهلية، وقد أذهبه الله عن المسلمين، فالحج إنما هو اجتماع لذكر الله عز وجل وعبادته والتفقّه في دينه، واجتماع كلمة المسلمين، وهذا ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة، وقال: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ» يعني: الحاضر عند خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم «الْغَائِبَ» عن هذه الحجة أو من يأتي من الأجيال، وهذا جارٍ إلى يوم القيامة،


الشرح