×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 وفـي «الصحيحين» ([1]) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ آلَ فُلاَنٍ - لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ»، فأخبر صلى الله عليه وسلم عن بطنٍ قريبٍ النَّسبِ أنَّهم ليسوا بمجرَّد النسب أولياءَه، إنما وليُّه اللهُ وصالحُ المؤمنين من جميع الأصناف.

***

فهذا ليس خاصًّا بالذين حضروا الخطبة فحَسْب، وإنما هو عامٌّ للمسلمين على مرِّ الزَّمان، وفيه أنَّ من تعلم شيئًا من العلم وعرف شيئًا من الأحكام الشرعية أنه يبلّغه لغيره ولا يكتمه.

النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه قال: «إِنَّ آلَ فُلاَنٍ» يعني: من أقاربه، من بني هاشم أقرب الناس إليه في النسب: «لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ» أي: ما داموا كفارًا فهم ليسوا أولياء الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا من نسبه وأقاربه، «إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ»، وهذا كما أمره أن يقول: ﴿إِنَّ وَلِـِّۧيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ [الأعراف: 196]. وقال عز وجل: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ [المائدة: 55]. فالولاء والبراء إنما يكون على هذا الأساس لأهل الإيمان، وهو: المحبـة في القلوب والتي تكون لأهل الإيمان من أي جنس، والبراء: وهـو البغـض في القلوب، إنما يكون لأهـل الكفـر، وإن كـانوا مـن الأقارب. فالولاء والمحبة والنصرة إنما تكون لأهل الإيمان، ولو لم يكونوا من الأقارب؛ لأنَّ الإيمان أقوى من كلِّ ما عداه من الأواصر النسبية والوطنية والقومية. فالكفار، ولو كانوا من الأقارب أو من المواطنين أو المعاهدين، فلا يجوزَ أن يُتَّخَذوا أولياء،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5990)، ومسلم رقم (366).