×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 ولا تجوز محبَّتهم من دون المؤمنين، قَال َ تَعَالَى: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ [الممتحنة: 4] وقَال َ تَعَالَى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ [المجادلة: 22]. وقال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ [التوبة: 23]. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في أقرب الناس نسبًا إليه: «إِنَّ آلَ فُلاَنٍ - لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ» لماذا؟ لأنهم كفار، فلم تكن تنفعهم قرابة النسب، والرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا قريشًا، وخصَّ وعمَّ، قال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، يَا عَبَّاسُ عمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا» ([1]). فلم تنفعهم قرابتُهم من الرسول صلى الله عليه وسلم بدون عمل صالح، وإنما يشترون أنفسهم من عذاب الله بالإيمان، وبمَدى قُربهم من المؤمنين، وبالعمل الصالح، وعبادة الله وحده لا شريك له، فهذا فيه ردٌّ على الذين يفتخرون بالأنساب دون أن يكون لهم رصيدٌ من الإيمان الحقيقي الذي ينتجُ عنه العمل الصالح. فالموالاة والمعاداة إنما تكون على الإيمان وعدمه، لا على النَّسب فقط، ولذلك قَال َ تَعَالَى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم (205).