ثم لفظ «الأعراب» هو في
الأصل: اسمٌ لبادية العربِ، فإنَّ كل أمّةٍ لها حاضرةٌ وباديةٌ، فباديةُ العرب:
الأعرابُ، ويقال: إنَّ بادية الرُّوم: الأرمَن ونحوُهم، وبادية الفرس: الأكرادُ
ونحوهم، وبادية التُّرك: التَّتار، وهذا - والله أعلم - هو الأصل، وإن كان قد يقع
فيه زيـادة أو نُقصان، والتحقيق: أنَّ سائر سُكّان البوادي لهم حُكم الأعراب، سواء
دخلوا في لفظ الأعراب، أو لم يدخلوا.
***
وتزيينه لظُلم الرعية إذا كان ظالمًا، فإذا كان
القصد من إتيان السلطان طمع الدنيا والتملق له، ومجاملته على ما عنده من الأخطاء
كان هذا الإتيان مذمومًا، وهذا يُفتن صاحبه فيصاب بما أصيب به السلطان، وفيه إقرار
للسلطان على التجاوزات وفي هاتين الروايتين دليل على: أنَّ المقصود
بالذَّمِّ هو الإكثار من إتيان السلطان، ولهذا قال: «وَمَنْ لَزِمَ
السُّلْطَانَ» يعني: من أكثر من المجيء إليه وتردَّد عليه، بخلاف من يأتيه في
بعض الأحيان لحاجة أو نصيحةٍ فهذا أخف، فالناس بحاجة لإتيان السلطان.
وقوله: «ولهذا كان
يقولون لمن يستغلظونه: إنك لأعرابيٌّ جاف...» أي: فيك من طبيعة الأعراب وهي
الجفاء، والجفاءُ: الغِلظة، فصارت الأعرابيَّة مذمّة في الجملة.
يقسم الناس باختلاف أنسابهم وطبقاتهم إلى قسمين: حاضرة وبادية، وكل جنس له اسم خاص به، فسكان بادية العرب يقال لهم: الأعراب، وسكان بادية الروم يقال لهم: الأرمن في الغالب، وسكّان بادية الفرس يقال لهم: الأكراد، وسكان بادية الترك يقال لهم: التتار،