×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 هو خير من كثير من أهل الحاضرة، كما أنه لا يُفهم أنَّ كل من سكن الحاضرة يكون محمودًا، بل ربما يكون فيهم من هو شر من البادية كالمنافقين، ولهذا قال سبحانه: ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ [التوبة: 101] فالذين جاؤوا يعتذرون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للتخلف عن غزوة تبوك، هم من المنافقين من الحاضرة في الغالب، وهم الذين عناهُم جل وعلا في قوله في سورة الفتح: ﴿سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا [الفتح: 11]، فهؤلاء منافقون من البادية من الأعراب، فالنفاق ليس محصورًا في أهل البادية، وإنّما قد يكون موجودًا عند أهل الحاضرة.هذا في الجملة، فإنَّ ما انفردت به البادية ناقص عمّا انفردت به الحاضرة في الجملة.

وقوله: «فإذا وقع التشبُّه بهم فيما ليس من فعل الحاضرة المهاجرين....» إلى آخره، هذا عودةٌ من الشيخ رحمه الله إلى النتيجة التي دخل بها في هذا البحث، وهو منع التشبّه بالأعراب، فكلّ ما سبق إنما هو تحقيق لهذا الحكم، فلماذا مُنع التشبّه بالأعراب؟ لأنَّ الأعراب في الغالب أهل جفاء، وأهل نفاق، فالتشبه بهم يورث هذه الصفات، وهذا هو المراد من كل ما ذكر قبله من الأجناس الأخرى وبواديهم.القاعدة هي: أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم؛ لأنَّ الله فضَّلهم بأشياء:

أولاً: اختار الرسولَ صلى الله عليه وسلم منهم، من بني إسماعيل عليه السلام.

ثانيًا: أنَّ الله أنزل القرآن بلغتهم.


الشرح