وروى الترمذيُّ ([1]) أيضًا من حديث
الثَّوري، عن يزيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن عبد الله بن الحارثِ، عن المطَّلب بن أبي
وَدَاعةَ، قال: جاء العبّاسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَأَنَّهُ سَمِعَ
شَيْئًا، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:
«مَنْ أَنَا؟» قالوا: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»، ثم قال: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ
الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي
فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ
قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا
وَخَيْرِهِمْ نَفْسًا» قال الترمذيُّ: هذا حديث حسنٌ.
كذا وجدتُه في
الكتاب، وصوابه: «فَأَنَا خَيْرُهُمْ بَيْتًا وَخَيْرُهُمْ نَفْسًا».
***
وهذا يوضح ويؤكد ما سبق، من أنَّ فضل بني هاشم ثابت لا يُنكر، وأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم فُضِّل بنفسه، فهو صلى الله عليه وسلم من قريش، ومن بني هاشم، فبنو هاشم هم أفضل قبيلة، وهي قريش، وأفضلهم وطنًا وبيتًا وهم بنو هاشم، فبنو هاشم هم أفضل العرب، فهذا فيه بيان لما جحده هؤلاء، وفيـه أنَّ العالِـمَ يبيِّن مـا يجب بيانه للناس إذا جهلوه أو أنكروه، فإنَّ على العالِـم أن يبيِّن، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم لهؤلاء لما تجاهلوا قَدْر بني هاشم، فقال صلى الله عليه وسلم: «من أنا؟»، قالوا: أنت رسول الله، ولم يكتف بهذا الجواب لأنَّه ليس هو المقصود من السؤال، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ»، يبين صلى الله عليه وسلم نَسَبه،
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3608)، وأحمد رقم (1788).