×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

أخبر صلى الله عليه وسلم: أنه ما انقسَم الخَلقُ فريقينِ إلاَّ كـان هو في خير الفريقَينِ، وكذلك جاء حديثٌ بهذا اللَّفظ، وقوله في الحديث: «خَلَقَ الْخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً» يحتمل شيئين:

أحدهما: أنَّ الخَلْق هم الثَّقلانِ، أو هم جميعُ ما خلق في الأرض، وبنو آدمَ خيرُهم. وإن قيل بعُموم الخَلْق حتى يدخل فيه الملائكةُ، كان فيه تفضيلُ جنس بني آدمَ على جنس الملائكةِ، وله وجهٌ صحيح.

***

 وهذا فيه أيضًا أنَّ بني آدم هم خير المخلوقات، وربما يدخل في هذا الملائكة، فيكون الصالح من بني آدم أفضل من الملائكة، وهذا فيه خِلاف بين العلماء أيهما أفضل: جنس الملائكة أو جنس بني آدم؟ الله أعلم بذلك، ولكن هذا يدل على أنَّ بني آدم هم خير الخليقة لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ [الإسراء: 70]. ثم خيرُ بني آدم العربُ، يعني: جنس العرب، ثم تَزداد الفضيلة في قريش، ثم في بني هاشم. ثم إنَّ بني آدم - على احتمال في تفسير هذا الحديث - هم أفضل الخلق، ويشهد لذلك قولـه تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ [الإسراء: 70]، وقوله: ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ [التين: 4]، وقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ ٦ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ ٧ فِيٓ أَيِّ صُورَةٖ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ[الانفطار: 6- 8]. فالله فضَّل هذا الإنسان في خِلقته وعقلِه ودينِه وسائر صفاته على سائر المخلوقات، وميَّزه وسخَّر له كل شيء، ومما يدل على فضل هذا الإنسان أنَّ الله سخَّر له ما في


الشرح