بالهدى ودين الحق،
وجد صعوبة ومشقة في نقلِهم من حالة الوثنية إلى عبادة الله وحده، ونقلِهم من جاهليتهم
إلى العلم، ونقلِهم مما كانوا عليه من العادات السيئة إلى الأخلاق الكريمة، لكنّ النبي
صلى الله عليه وسلم واجـه ذلك بالصبر والثبات على الدعوة، حتى يسَّر له الله
سبحانه وتعالى أتباعًا وأنصارًا، قال الله - سبحانه: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى
ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ
فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ
ٱلسُّجُودِۚ﴾، متى حصل هذا؟ حصل بعد التربية والتعليم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى
ثم قال: ﴿ذَٰلِكَ
مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ﴾ يعني: هذه صفتهم في
التوراة التي أنزلها الله على موسى، وصفتهم في الإنجيل الذي أُنزل على عيسى عليهما
الصلاة والسلام ﴿كَزَرۡعٍ
أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ فََٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ
يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ﴾ [الفتح: 29] يعني: مثل الزرع أول ما يُخرج قصبة واحدة،
ثم هذه القصبة تُخرج أفراخًا من حولها ضعيفة، ثم تشتد هذه الفراخ وتآزر الأصل
وتقويه، ثم بعد ذلك تتكون السنابل والثمرة، وهكذا هذه الأمَّة نشأت شيئًا فشيئًا،
حتى تم أمرها، وأينعت ثمارها، فهذا مثل ضربه الله للعرب الذين آمنوا به واتبعوا
نبيه، كانوا في الأول كالبذرة في التراب، ثم لما سُقيت بماء الوحي ونور العلم
نبتت، وتكوَّن منها فراخها، وازدادت حتى قويت واشتدت أعوادها، ثم أنتجت وأثمرت
العلم النافع والعمل الصالح.
قوله: «بمنزلة أرض جيدة في نفسها لكن هي معطلة...» أي: أنَّ هذه صفة العرب، قبل الإسلام كانوا في الجاهلية كالأرض الجيدة