المعطَّلة، فلما جاءتهم الرسالة، وبُعث فيهم
النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنبتت وآتت هذه الأرض أُكلها. فالحاصل: أنَّ
صفة العرب في الجاهلية أنهم كانوا كالأرض الطيبة المعطلة، لا تنبت شجرًا، ولا تؤتي
ثمرًا بل تنبت شوكًا، وتؤوي حيوانات لا خير فيها، فلما جاء الله بهذا النور أزال
ما في هذه الأرض من الأذى وطهرها وسقاها بماء الوحي، فأنبتت هؤلاء الرجال الأفذاذ
الأقوياء، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان،
فتكامل فضل العرب ونما وأثمر بالإسلام، ولو بقوا على جاهليتهم لبقوا في جاهلية
وذل، فلا عزَّ للعرب إلاَّ بالإسلام، أما مجرد العروبة فإنها لا تكفي، فالعروبة ما
نفعت أهل الجاهلية، وإنما لما اجتمع الأمران: العروبة الأصيلة والإسلام الصحيح،
حينئذٍ حصل الخير الكثير للبشرية، ولهذا قال الله عن هذه الأمة حينما ارتضت دين
الله: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ
أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ
ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ﴾ [آل عمران: 110]، وقال تعالى:
﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ
يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ
ٱلۡمُنكَرِۚ﴾ [آل عمران: 104]، أما إذا ضيَّع العرب الإسلام وعادوا إلى جاهليتهم كان
الذل والمهانة مصيرهم، كما قال عُمر رضي الله عنه: نحن أمَّة أعزَّنا الله
بالإسلام، فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلنا الله.
قوله: «وصار أفضل الناس بعدهم من تبعهم بإحسان...» يعني: الذين جاؤوا بعد الصحابة وهم التابعون لهم كما قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» قال الراوي: عمران بن