×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وإنما يتم الكلام بأمرين: أحدهما: أن الذي يجب على المسلم إذا نظر في الفضائل أو تكلَّم فيها: أن يسلك سبيل العاقل الذي غرضه أن يعرف الخير ويتحرَّاه بكل جهد، ليس غرضه الفخر على أحد، ولا الغمط من أحد، فقد روى مسلم في «صحيحه» ([1]) عن عِياض بن حمار المجاشعيِّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ». فنهى سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عن نوعي الاستطالة على الـخَلْق وهي: الفخر والبغي؛ لأنَّ المستطيل إن استطال بحقٍ فقد افتخر، وإن كـان بغير حقٍ فقد بغى، فلا يحلُّ لا هذا ولا هذا.فإن كان الرجل من الطائفة الفاضلة، مِثل أن يذكر فضل بني هاشم أو قريش أو العرب أو بعضهم، فلا يكون حظُّه استشعار فضلَ نفسِه والنظرَ إلى ذلك، فإنه مخطئ في هذا؛ لأنَّ فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص كما قدَّمناه. فرُبَّ حبشي أفضل عند الله من جمهور يستطيل. وإن كان من الطائفة الأخرى: مثل العجم، أو غير قريش، أو غير بني هاشم، فليعلم أنَّ تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، ومحبة من أحبَّه، والتشبُّه بمن فضله الله، والقيام بالدِّين الحق الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم يوجب له أن يكون أفضل من جمهور الطائفة المفضلة، وهذا هو الفضل الحقيقي. وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أمير المؤمنين


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2865).