فإنه من سادات السابقين الأولين من المهاجرين،
ومِن أفضل المسلمين، ولم يضرّه أنه أعجمي حبشي، ولم ينفع أبا جهل وأبا لهب
وأمثالهما من صناديد الكفرة أنهم من صميم العرب ومن قريش.
قوله: «ثم هذا النظر
يوجب نقصه وخروجه عن الفضل...» يعني: أن المرء إذا افتخر بنفسِه فذاك هو
النقص؛ فإن العاقلَ لا يفتخر على الناس ويستطيل عليهم، وإن كان قد فضَّله الله
بشيء، فإنَّ واجبَه أن يشكر الله وأن يتواضع له.
قوله: «وإن كان من الطائفة الأخرى، مثل العجم أو غير قريش...» المقصود: أنه لا يعني كونه أعجميًّا من غير العرب أن يقعده هذا الأمر عن العمل، فيترك الأسباب النافعة من الإيمان بالله ورسوله، وتعلم العلم النافع؛ لأنه إذا أخذ بهذه الأمور صار من السابقين ومن المقدَّمين، كما حصل لسادات الصحابة من العجم: كبلال، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، وغيرهم من سادات السابقين الأولين؛ لأنهم جمعوا بين العلم والإيمان والعمل الصالح، ولم يضرهم أنهم من العجم، أو أنهم ليس لهم نسب عربي، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» ([1])، فإذا قلنا: إنَّ العرب أفضل من العجم فإنه لا يصيب العجمي إحباط من هذه المقالة، فيترك الفضائل ويقعد، وييأس من الكمال، بل يسعى في الكمال، وإذا حصَّل
([1])أخرجه: مسلم رقم (2699).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد