×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 ولقد عرض الله التوبة على الذين هم أشد الناس جرمًا، الذين يقتلون أنبياءه، ويقولون:  ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ [المائدة: 73]. ويقولون: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ًٔا إِنۡ أَرَادَ أَن يُهۡلِكَ ٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ  [المائدة: 17]. لقد دعا هؤلاء إلى التوبة، فقال سبحانه  ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى ٱللَّهِ وَيَسۡتَغۡفِرُونَهُۥۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [المائدة: 74].

إن الله سبحانه فتح بابه للتائبين ليلاً ونهارًا «يَبْسُط يَدَهُ فِي اللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيء النَّهَار, ويَبْسُط يَدَهُ فِي النَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيء اللَّيْل» ([1])، يتلطف سبحانه بعباده اللذين كثرت سيئاتهم، وعظمت خطاياهم، فينهاهم عن أن تحملهم كثرة ذنوبهم على القنوط من رحمة الله، وترك التوبة منها، فيقول سبحانه:﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥  [الزمر: 53، 54].

إن الذنب مهما عظم، فعفو الله أعظم، وإن من يظن أن ذنبًا لا يتسع له عفو الله ومغفرته فقد ظن بربه ظن السوء؛ لأن القنوط من رحمة الله من أعظم كبائر الذنوب؛ قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡ‍َٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ [يوسف: 87].

ولكن ليس معنى هذا أن يعتمد العبد على سعة عفو الله ورحمته، ويتمادى في المعاصي والذنوب، وينسى العقوبة والانتقام من العصاة؛ لأن هذا معناه الأمن من مكر الله، والأمن من مكر الله من كبائر


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2759).