حفظ الأمانة
الحمد لله الذي وعد
من حفظ الأمانة ورعاها أجرًا جزيلاً، وتوعد من أضاعها وأعد له عذابًا وبيلاً، أحمده
على جزيل نعمه، وأشكره على تتابع إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حث على أداء الأمانة، وحذر من الخيانة، صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله،
واعلموا أن حمل الأمانة ثقيل، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا
ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا﴾ [الأحزاب: 72].
الأمانة لغةً: مأخوذة من الأمان، وهو
طمأنينة النفس وذهاب الخوف عنها، وهي عبارة عن كل ما استحفظ عليه من حقوق، سواء
كانت لله تعالى أو لخلقه، وقد اتفقت أقوال المفسرين على أن المراد بالأمانة
المذكورة في الآية جميع التكاليف الشرعية، فمن قام بها أثيب، ومن تركها عوقب. وقد
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه عرضها وما يتبعها من ثواب وعقاب على
السماوات والأرض والجبال، وأنهن أبين أن يحملنها وأشفقن، أي خفن من عواقب حملها؛
لما ينشأ عن التساهل بها من عذاب الله وسخطه، وإيثارًا للعافية، وبعدًا عن التبعة.
وحملها الإنسان بما
فيها من مسئولية عظيمة وخطورة بالغة، فانقسم الناس بعد هذا التحمل إلى ثلاثة
أقسام:
قسم التزم بها ظاهرًا، وضيعها باطنًا: وهم المنافقون
الصفحة 1 / 538