في منافع المال ومضاره
الحمد لله الذي جعل
المال منحة للأبرار، يحصلون ببذله في وجوه البر على الأجور والدرجات العلى والنعيم
المقيم، وجعله محنه للأشقياء، يكتسبونه من غير حله، وينفقونه في غير وجوهه، فيضل
سعيهم ويخيب أملهم، ويكون عليهم حسرة في الدنيا وعذابًا يوم القيامة.
أحمده على ما أولاه،
وأشكره على عظيم نعماه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله، حث على إطابة المكسب والاعتدال في الإنفاق، صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى،
واشكروا نعمه يزدكم منها.
أيها الإخوان، إن الإنسان مجبول على حب المال قال تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا﴾ [الفجر: 20]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ ٦ وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٞ ٧ وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَيۡرِ لَشَدِيدٌ ٨﴾ [العاديات: 6- 8]، والخير هنا هو المال؛ كما قال تعالى:﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [البقرة: 180]، أي: إن ترك مالاً، فالمال في حد ذاته خير ونعمة من الله، وقيام لمصالح العباد، قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤۡتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمۡوَٰلَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِيَٰمٗا﴾ [النساء: 5]، ولكن تصرف الإنسان في المال قد يخرجه عن هذه الخيرية إلى ضدها. ذلكم يا عباد الله أن المال له محاسن، وله مساوئ، والحكم لما غلب منهما، فإن غلبت محاسنه على مساوئه صار خيرًا لصاحبه عاجلاً وآجلاً،
الصفحة 1 / 538