في التحذير من الزنا وأسبابه
الحمد لله الذي حرم
الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وحذر من قربانها والأسباب الموصلة إليها، رحمة
بعباده، وصيانة لهم عما يضرهم في دينهم ودنياهم، أحمده على إحسانه، وأشكره على
لطفه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته
وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، لا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر
إلا حذرها منه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من أعظم الفواحش التي حرمها الله في كتابه وعلى لسان رسوله فاحشة الزنا، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا﴾ [الإسراء: 32]، فمفسدة الزنا من أعظم المفاسد، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقّي ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس، من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وبنته وأخته وأمه، وفي ذلك خراب العالم، وكانت مفسدة الزنا تلي مفسدة القتل في الكبر، ولهذا قرنت جريمة الزنا بجريمة القتل في الكتاب والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ﴾ [الفرقان: 68]، فقرن الزنا بالشرك وقتل النفس، وجعل جزاء ذلك: العذاب المضاعف المهين، ما لم يتب العبد من ذلك ويعمل صالحًا.
الصفحة 1 / 538