×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 في التحذير من الاغترار بالدنيا

الحمد لله الذي حذرنا من دار الغرور، وأمرنا بالاستعداد ليوم البعث والنشور، أحمده وهو الغفور الشكور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرٌ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، أهل الجد والتشمير، وسلم تسليمًا كثيرًا.

·        أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته، كثيرٌ منا اليوم قد صارت الدنيا أكبر همهم، ومنتهى أملهم، أفنوا أعمارهم، وشغلوا أوقاتهم، وأبلوا أجسامهم بجمعها، يبنون ما لا يسكنون، ويجمعون ما لا يأكلون، ﴿ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ ١  مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ ٢ [الأنبياء: 1، 2]، لا تمر الآخرة لهم على بال، ولم يتفكروا فيما أمامهم من الأهوال، كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ [فاطر: 5].

أيها المسلمون، إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد حذر من الاغترار بالدنيا غاية التحذير، وأخبر أنها لو ساوت عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء، وأنها أهون على الله من السخلة الميتة على أهلها، وأن مثلها في الآخرة كمثل ما يعلق بإصبع من أدخل أصبعه في البحر، وأنها سجن المؤمنين، وجنة الكافرين، وأمر العبد أن يكون فيها كأنه غريب أو عابر سبيل، وأن يعد نفسه من أهل القبور، وإذا أصبح فلا ينتظر


الشرح