×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 في حقيقة  ذم  الدنيا 

الحمد لله الذي حذر عباده من الاغترار بهذه الدار، ورغبهم في الاستعداد لدار القرار، أحمده على نعمه الغزار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يجود على عباده بكرمه المدرار، فيده سَحّاء الليل والنهار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الأبرار صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار، المهاجرين منهم والأنصار، وسلم تسليمًا كثيرًا.

·        أما بعد:

أيها المسلمون، اتقوا الله، واسمعوا نداء ربكم عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ٥  إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ٦ [فاطر: 5- 6]، يناديكم ربكم، ويؤكد لكم أنه لا بد من وقوع ما وعدكم به من البعث والنشور، والجزاء على أعمالكم بالثواب أو العقاب، ويحذركم من فتنتين تصدان العبد عن الاستعداد للقاء هذا الوعد الحق، هما فتنة الدنيا وفتنة الشيطان.

وكم في كتاب الله من التحذير من الاغترار بهذه الدنيا وذمها، وبيان سرعة زوالها، وضرب الأمثال لها؛ ما يكفي بعضه زاجرًا لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيدٌ.

وإن الدنيا في الحقيقة لا تُذَمُّ لذاتها، فهي قنطرةٌ أو معبرٌ إلى الجنة أو إلى النار، وإنما يُذم فعل العبد فيها من اشتغاله بالشهوات والغفلة والإعراض عن الله والدار الآخرة، وإلا فالدنيا مبنى الآخرة ومزرعتها


الشرح