التحذير من التساهل في اليمين
الحمد لله الذي أمر
أهل الإيمان بحفظ الأيمان، وتوعد الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً
بالعذاب الأليم والخسران، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحث عباده
على التزام الصدق، ويعدهم عليه الثواب الجزيل ودخول الجنان، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله، الصادق الأمين، صلي الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى
يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله واعلموا أن شأن اليمين عند الله عظيم، وخطر التساهل بها جسيم، فليست اليمين مجرد كلمة تمر على اللسان، ولكنها عهد وميثاق ينتهي عند حده، ويجب أن يوفى حقه، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِاللهِ فَلْيَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللهِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ»([1]) والله تعالى يقول: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ﴾ [المائدة: 89]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد: لا تحلفوا. فيكون معنى الآية على هذا هو: النهي عن الحلف، فلا ينبغي للإنسان التسرع إلى اليمين إلا عند الحاجة، فإن كثرة الحلف تدل على الاستخفاف بالمحلوف به، وعدم تعظيمه، وكثرة الحلف من صفات الكفار والمنافقين، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ﴾ [القلم: 10]، فنهى نبيه عن طاعة الحلاف، وهو كثير الحلف، وقال عن المنافقين: ﴿وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (2101)، والبيهقي رقم (20512).
الصفحة 1 / 538