في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ...» الحديث
الحمد لله الذي أرسل
رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله
واعلموا أن الله عز وجل بعث نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم، وخصه
ببدائع الحكم، فربما جمع أشتات الحكم والعلوم في كلمة أو شطر كلمة، من ذلكم قوله
صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ
الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» ([1])، رواه الترمذي
وقال: حديث حسن.
فهذا حديث عظيم،
وجيز الألفاظ، جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حق الله وحقوق العباد:
أما حق الله: فهو أن يُتَّقى حق تقاته، والله قد أوصى الأولين والآخرين بتقواه، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ﴾ [النساء: 131]، ومعنى التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقية منه، وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك،
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2791)، وأحمد رقم (21354).
الصفحة 1 / 538