في مرض القلب وعلاجه
الحمد لله الذي خلق
الإنسان في أحسن تقويم، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً، ووهب له العقل الذي امتاز
به عن البهائم، ليعرف به ربه، ويدرك به مصالحه، فإن أحسن العمل في هذه الدنيا كان
تكريمه موصولاً في الدنيا والآخرة ﴿وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء: 21].
وإن أساء العمل
وألغى عقله رده الله أسفل سافلين ﴿وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِۦٓ أَعۡمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡمَىٰ
وَأَضَلُّ سَبِيلٗا﴾ [الإسراء: 72].
أحمده على نعمه التي
لا تحصى، وأشكره، وحقه أن يطاع فلا يعصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، كان
يكثر أن يقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ([1]) صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه، ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
عباد الله، اتقوا الله تعالى، هو الذي خلقكم وصوركم فأحسن صوركم:﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ ٦ ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ ٧ فِيٓ أَيِّ صُورَةٖ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ٨﴾ [الانفطار: 6- 8]، نعم، إنك أيها الإنسان مركب من أعضاء، وكل عضو منك خلق لعمل خاص، فإذا مرض ذلك العضو تعطل عمله أو اختل، فإذا مرضت اليد تعذر منها البطش، وإذا مرضت العين تعذر منها الإبصار، وإذا مرض القلب بالمعاصي تعذر منه
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2140)، وابن ماجه رقم (3834)، وأحمد رقم (12107).
الصفحة 1 / 538