في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
«بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ»
الحمد لله الذي
أمرنا بالمسارعة والمسابقة إلى الخيرات، وحذرنا من التكاسل والتشاغل بهذه الدنيا
عما خلقنا لأجله، وأمرنا بالاستعداد له، يوم لقائه والوقوف بين يديه، ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ
وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩﴾ [الشعراء: 88- 89]. وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، إليه المصير، وإليه ترجع الأمور، له الملك وله الحمد وهو على كل
شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، حث على المبادرة بالأعمال قبل حلول
الآجال، واغتنام الأوقات قبل هجوم الآفات، وكان أول المبادرين إلى الطاعات،
والسابقين إلى الخيرات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين،
وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله، واعلموا أن الفرص تفوت، وأن أجل الإنسان موقوت، وإقامته في هذه الدنيا محدودةٌ، وأيامه فيها معدودةٌ، وأن الآخرة هي دار القرار، والمصير فيها إلى الجنة أو النار، إن سعادتك أو شقاوتك -أيها الإنسان- تتركز على هذه الأيام التي تقيمها في الدنيا، وعلى نوعية العمل الذي تقدمه لنفسك في خلال هذه الأيام، فإما أن تكون من الذين يقال لهم غدًا: ﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: 24]. وإما أن تقول هناك: ﴿ٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَ﴾ [الزمر: 56].
الصفحة 1 / 538