×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

إن ربنا سبحانه وتعالى يحثنا على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل فوات وقتها، ويعرض علينا أغلى وأعلى السلع بأيسر الأسعار، فيقول سبحانه: ﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ [آل عمران: 133]، ﴿فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ [البقرة: 148]، ﴿سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ [الحديد: 21]، هذه هي الإعلانات الربانية في الآيات القرآنية، عن المساهمة في التجارة الرابحة في الدار الباقية والجنة العالية، إنه إعلانٌ من أصدق القائلين، إعلانٌ ممن لا يضيع لديه عمل عاملٍ، إعلانٌ عن مساهمة تربح أضعافًا مضاعفة، تكون الحسنة فيها بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرةٍ  ﴿وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ[البقرة: 261].

أرأيتم -يا عباد الله- لو أعلن عن مساهمة دنيوية في شركةٍ يحتمل أن تربح، ويحتمل أن تخسر، ألستم ترون الناس يتزاحمون على تقديم ما لديهم من أموالٍ، فيها رجاء ربحها؟ مع أنه ربحٌ مظنونٌ، وشرّه غير مأمون، في حين أن المتقدم للمساهمة التي يعلن عنها رب العالمين قليلٌ من الناس، وما ذاك إلا لضعف اليقين، وإيثار الدنيا على الدين.

إن الناس يسارعون إلى طلب الدنيا لأنهم يعلمون أنها لا تحصل إلا ببذل الأسباب، وارتكاب الصعاب، فما بالهم لا يطلبون الجنة ببذل الأسباب الموصلة إليها؟ يقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ» ([1])،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2450)، والحاكم رقم (7851)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (881).