في فضل التوبة والاستغفار
الحمد لله القائل في
كتابه المبين: ﴿وَتُوبُوٓاْ
إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾[النور: 31]، أحمده إذ فتح
لعباده باب التوبة، ودعاهم إليها، ووعدهم أن يتقبلها منهم، ويمحو بها سيئاتهم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا
كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عباد
الله، إن ابن آدم مخلوق ضعيف، وقد حف به أعداء كثيرون من شياطين الجن والإنس،
يحسِّنون له القبيح، ويقبِّحون في نظره الحسن، ومع هؤلاء الأعداء نفسه الأمارة
بالسوء، تدعوه إلى تناول الشهوات المحرمة، فهو معرَّض للخطر من كل جانب، لكن مع
هذا كله قد جعل الله له حصنًا حصينًا، إذا أوى إليه رجعت هذه الأعداء كلها خاسئة
مدحورة، وذلكم الحصن هو توبته إلى ربه، والاستعانة به، واللهج بذكره، قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ
هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ﴾ [الحج: 78]، فمن بدرت منه خطيئة، أو ارتكب معصية، فبادر
بالتوبة والاستغفار، وأتبعها بالحسنة التي تمحوها كفرها الله عنه ووقاه خطرها،
يقول الله تعالى: ﴿وَمَن
يَعۡمَلۡ سُوٓءًا أَوۡ يَظۡلِمۡ نَفۡسَهُۥ ثُمَّ يَسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ
ٱللَّهَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا﴾ [النساء: 110].
إن التوبة الصادقة تمحو الخطيئة مهما عظمت؛ كما قال تعالى: ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]،
الصفحة 1 / 538