في مراقبة الله سبحانه وتعالى
الحمد لله الذي وسع
كل شيء علمًا، وقهر كل مخلوق عزةً وحكمًا ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ
بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ﴾ [البقرة: 255]، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بالله حسيبًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بلغ
الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه، ومن تبعه وتمسك بسُنته إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله، إنكم
لم تُخلقوا عبثًا ولن تتركوا سدى، البر لا يبلى، الذنب لا يُنسى، والديَّان لا
يموت، فراقبوا الله حق مراقبته، فإنه رقيبٌ عليكم، ومطلعٌ على أعمالكم، وسيتولى
جزاءكم؛ ففي الحديث أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
أَخْبِرْنِي عَنِ الإِْحْسَانِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الإِْحْسَانُ: أَنْ
تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»
([1]).
«ويقتضي» ([2]) ومقتضى هذا الحديث أن يكون العبد دائمًا على هذه الصفة، وهي استحضار قربه سبحانه منه، وأن العبد بين يديه سبحانه يراه في جميع أحواله، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم، كما يدل هذا الحديث على وجوب الإخلاص في العبادة وتحسينها وإتمامها وإكمالها، وقد وصّى النبي صلى الله عليه وسلم جماعةً من أصحابه بهذه الوصية، قال
([1]) أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).
الصفحة 1 / 538