في التحذير من الفتن
الحمد لله رب
العالمين، يبتلي عباده بالخير والشر، ليتميز الصابر الشاكر من المنافق الكافر.
أحمده وحمدي له من نعمه، وأشكره على جزيل منه وكرمه، وأشهد أن لا إله لا الله له
الخلق والأمر، وإليه المصير يوم الحشر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أخبر عن وقوع
الفتن، وبين أن النجاة منها تكون بالاعتصام بالكتاب والسنة، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله،
واعلموا أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وميدان جهاد ومثابرة، وما زال الصراع
مستمرًا بين الحق والباطل، منذ هبط آدم عليه السلام إلى الأرض، وسيستمر إلى ما شاء
الله، فالباطل يحمله الشيطان وجنوده من شياطين الإنس والجن، مستخدمين لترويجه كل
وسائل الدعاية والمغريات، كما قال الله تعالى: ﴿وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ
عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ
وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الإسراء: 64]
فهو يدعو إلى الباطل بأنواع المكر والحيل والخداع: ﴿إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6]، يحسن القبيح، ويقبح الحسن، ويخدع به أكثر الخلق، لنيل حظوظ عاجلة، وشهوة حاضرة، مع الغفلة عن المصير والنهاية أما الحق فيحمله الرسل وأتباعهم من العلماء والمصلحين، يوضحونه للناس، ويبصرونهم به، ويكشفون عنه الشبه، ويجاهدون في سبيله،
الصفحة 1 / 538