×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

 بفعل طاعته، واجتناب معاصيه. فالله سبحانه تارة يأمره بتقواه، فهو أهل أن يخشى ويهاب ويجل ويعظم في صدور عباده، حتى يعبدوه ويطيعوه. وتاره يأمر سبحانه باتقاء النار، كما في قوله تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 24]. وتارة يأمر سبحانه باتقاء يوم القيامة، كما في قوله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ  [البقرة: 281]،  ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗا [البقرة: 48].

وإليكم -يا عباد الله- بعض عبارات السلف في توضيح معنى التقوى: قال ابن عباس رضي الله عنهما: المتقون الذين يحذرون من الله وعقوبته. وقال الحسن: المتقون اتقوا ما حرم الله عليهم، وأدوا ما افترض الله عليهم.

وقال عمر بن عبد العزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، مع التخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خير إلى خير.

وقال طلق بن حبيب: التقوى هي أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله. وقال ميمون بن مهران: المتقي أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح لشريكه.

وقال ابن مسعود في قوله تعالى ﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ [آل عمران: 102] قال: أن يُطَاع فلا يُعْصَى، ويُذْكَر فلا يُنْسَى، وأن يُشْكَر فلا يُكْفَر. فالتقوى وصية الله لجميع خلقه، ووصية رسوله لأمته، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من 


الشرح