المسلمين خيرًا،
ولما خطب في حجة الوداع يوم النحر وصى الناس بتقوى الله، ولم يزل السلف الصالح
يتواصون بها.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» أي: في السر والعلانية، حيث يراه
الناس، وحيث لا يرونه. ومن علم أن الله مطلع عليه حيثما كان، يرى باطنه وظاهره،
وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته - أوجب له ذلك ترك المعاصي في السر، قال
تعالى: ﴿إِنَّ
ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا﴾ [النساء: 1]. كتب بعض الصالحين إلى أخ له في الله تعالى: أما بعد: أوصيك بتقوى
الله الذي هو نجيك في سريرك، ورقيبك في علانيتك، فاجعل الله من بالك على كل حال،
في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك، واعلم أنك بعينه، لا تخرج من
سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى ملك غيره، فليَعْظُم منه حذرُك، وليكثر
منه وجلك، والسلام.
ودخل بعضهم في غيضة
ذات شجر فقال: لو خلوت ها هنا بمعصية، من كان يراني؟ فسمع هاتفًا بصوت ملأ الغيضة:
﴿أَلَا يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ
وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].
فاتقوا الله، أيها
المسلمون، في جميع أحوالكم، وفي جميع تصرفاتكم، اتق الله أيها المسلم في نفسك، وفي
أهل بيتك وأولادك، واتق الله في عبادة ربك، فأدها كما أوجبها عليك، واتق الله في
معاملتك ومتجرك، فخذ الحلال، واترك الحرام، واتق الله في وظيفتك، فأد العمل الذي
كلفت به على الوجه المطلوب.
ثم لما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق التقوى وواجباتها، أمر صلى الله عليه وسلم بما يدفع ذلك ويمحوه وهو أن يتبع السيئة الحسنة،