يَعۡلَمُونَ﴾ [المجادلة: 14]، وقال عنهم: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ
جُنَّةٗ﴾ [المجادلة: 16]، أي جعلوا الأيمان وقاية يتقون بها ما يكرهون، ويخدعون
بها المؤمنين.
ومن قبلهم حلف إبليس
لآدم وزوجه، ليخدعهما باليمين، قال الله تعالى عنه: ﴿وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ﴾ [الأعراف: 21]، أي أقسم لهما أنه
يريد لهما النصح والمصلحة، ﴿فَدَلَّىٰهُمَا بِغُرُورٖۚ﴾ [الأعراف: 22] أي خدعهما بذلك القسم، وأوقعهما في المعصية والمصيبة.
أيها المسلمون، ومن الاستخفاف
باليمين أن تتخذ وسيلة لترويج السلع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْحَلِفُ
مَنْفَقَةٌ لِلسِّلَعِ، مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ» ([1])، رواه البخاري
ومسلم. ومعناه: أن يحلف صاحب السلعة أنه أعطي فيها كذا وكذا، أو أنه اشتراها بكذا
وكذا، وهو كاذب في ذلك، وإنما يريد التغرير بالمشتري، ليصدقه بموجب اليمين، فيكون
هذا الحالف عاصيًا لله، آخذًا للزيادة بغير حق، فيعاقبه الله بمحق البركة من كسبه،
وربما يتلف الله ماله كله.
وقال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَته، لاَ يَشْتَرِي إِلاَّ بِيَمِينِهِ، وَلاَ يَبِيعُ إِلاَّ بِيَمِينِهِ»([2])، رواه الطبراني بسند صحيح، ومعنى «جَعَلَ اللهَ بِضَاعَته» أي: جعل الحلف بالله وسيلة لترويج بضاعته، فيكثر من الأيمان ليخدع الناس، فيشتروا منه اعتمادًا على يمينه الكاذبة، فكان جزاؤه إعراض الله عنه يوم القيامة، فلا يكلمه ولا يزكيه وله
([1]) أخرجه: النسائي رقم (4461)، وأحمد رقم (7207)، وابن حبان رقم (4906).