الحديث الصحيح: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ
عِنْدَ رَأْسِهِ» ([1]) وفي الأثر: «إِذَا
أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ
الْمَسَاءَ» ([2])يعني: لا تمدد
الأمل، وتؤخر العمل، إلى أجل لا تدري أتدركه أم لا.
فاتقوا الله عباد
الله، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل فواتها، فإنكم ترون فعل الموت بإخوانكم
وجيرانكم قبل سابق إنذار، وسيلحقكم بهم عن قريب في ليل أو نهار.
أيها الشاب، لا تغتر بشبابك،
فكم أخذ الموت من أترابك.
أيها القوي، لا تغتر بصحتك،
فكم أخذ الموت من هو أقوى منك.
عباد الله، تأهبوا
للموت الذي ما طلب أحدًا فأعجزه، ولا تحصن منه مُتحصن إلا أخرجه وأبرزه. أي عيشٍ
صفا وما كدره؟ أي غُصنٍ علا وما كسره؟ وأي بناءٍ أشُيد وما دمره؟ أما أخذ الآباء
والأجداد؟ أما ملأ القبور والألحاد؟ أما رمَّل النساء ويَتَّمْ الأولاد؟ قال النبي
صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا ذِكْر هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» ([3]) يعني الموت. وراه
الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
أيها المسلمون، وبعد الموت وسكراته، تذكروا القبر وظلماته، فإنه أول منازل الآخرة، وهو إما روضة من رياض الجنة، أو حُفرةٌ من حُفر النار، روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2587)، ومسلم رقم (1627).