×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

وقال: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ!» فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ([1]).

وقد صار بعض المسلمين يتساهل في هذا الأمر الخطير، فيلبس خاتم الذهب ولا يبالي أنه بفعله هذا قد عصى الله ورسوله، وحمل في يده جمرةً من نار طيلة لبسه لهذا الخاتم، نعم لا يبالي بذلك ما دام أنه أتبع نفسه هواها، وقلد من لا خلاق لهم من أوباش الناس وطغامهم، وبعض الشباب يتحلون بسلاسل الذهب، تقليدًا للنساء، وإغراقًا في الميوعة، متجاهلين ما في ذلك من فقد الرجولة، وتعريض أنفسهم للوعيد الشديد بالعذاب الأليم لمن فعل ذلك.

عباد الله، إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما حذرنا من هذه الأشياء: الإسبال في اللباس، والتشبه بالنساء، ولبس الحرير، والتحلي بالذهب - إنما نهانا عن هذه الأشياء، لنتخلق بكل معاني الرجولة، ونتصف بكامل المروءة، إذ العادة أنه لا يبالغ في الزينة والعناية بجسمه وثوبه ومركوبه وفراشه وأثاثه، إلى درجة الإفراط، إلا مترفٌ لينٌ، والرجل خشن بطبعه، وكلما تلين خفت رجولته ونقصت ذكورته، وعجز عن الكفاح والكد وما خُلِقَ له في معترك الحياة.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس البُرْدَ الغليظ الحاشية، ويفترش الحصير، ويتوسد الجلد حشوه الليف، ويركب البعير والفرس والحمار والبغلة، مرة بسرج، ومرة بلا سرج، ويردف خلفه وبين يديه، ويمشي المسافة الطويلة على رجليه، ويأكل ما تيسر من


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2090).