فنستريح بصلاتنا، كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم: «يَا بِلاَلُ، أَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ» ([1]) ولم يقل: أرحنا منها: وقال صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ» ([2])، فمن جعلت قرة عينه في الصلاة، كيف تقر عينه بدونها وكيف يطيق الصبر عنها؟! فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة هي التي تصعد ولها نور وبرهان حتى يستقبل بها الرحمن عز وجل فتقول: «حَفِظَكَ اللهُ تعالى كَمَا حَفِظْتَنِي»، وأما صلاة المفرط المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها، وتقول: «ضَيَّعَكَ اللهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي» ([3]). وقد روي في حديث مرفوع: «ما من مؤمنٍ يتمّ الوضوء إلى أماكنه ثمّ يقوم إلى الصّلاة في وقتها فيؤدّيها لله عز وجل «بيضاء([4]) ولَمْ يَنْقُصْ مِنْ وَقتِهَا ورُكُوعِهَا وسُجُودِهَا ومَعَالِمِهَا شيئًا إلاَّ رُفِعتْ إلى اللهِ عز وجل بيضاءَ مُسْفِرةً يَستضيءُ بِنُورهَا مَا بينَ الخَافقَيْنِ حتَّى ينْتَهَى بِهَا إلَى الرَّحْمَنِ عز وجل. وَمَنْ قامَ إِلى الصَّلاةِ فَلمْ يُكمِل وضُوءَها وأَخَّرَهَا عن وقْتِهَا واستَرَقَ رُكُوعَهَا وسُجُودَهَا ومعَالِمَهَا رُفِعَتْ عنهُ سَوداءَ مُظلمة، ثُمَّ لا تُجَاوِزُ شَعرَ رَأْسِهِ تَقُولُ: ضَيَّعَكَ اللهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي» ([5]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4985)، وأحمد رقم (23137)، والطبراني في ((الكبير)) رقم (6215).