×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

طمع من أطماع الدنيا لحضرت وبادرت ولو مع تحمل المشاق رغبة في الحطام الفاني.

ولو دعاك السلطان إلى الحضور لديه، لبادرت بالإجابة خوفًا من عقابه ورهبةً من تهديده ودفعًا لغضبه، فما بالك لا تجيب دعوة الله الذي له ملك السموات والأرض، وبيده الخير وهو على كل شيء قديرٌ؟! كيف تتجرأ على مخالفة أمره ولا تجيب دعوته وأنت لا تخرج عن قبضته ولا تستغني عن رزقه طرفة عين؟! أما حذرك وأنذرك؟! أما دعاك وأمرك؟! أما وهبك الصحة والقوة؟ أما عطاك المال وأغناك؟ أما أمهلك وحثك على العمل؟! فما لك لا تجيب دعوته، ولا تحضر لأداء عبادته في بيت من بيوته؟!

عباد الله: إن شأن «صلاة» ([1]) الجماعة في الإسلام عظيم، ومكانتها عند الله عاليةٌ، ولذلك شرع الله بناء المساجد لها فقال سبحانه وتعالى  ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ[النور: 36]، وأول عمل بدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بناء المسجد لأداء الصلاة فيه. وشرع النداء لصلاة الجماعة من أرفع مكانٍ بأعلى صوت وعينت لها الأئمة، وكان صلى الله عليه وسلم يتفقد الغائبين ويتوعد المتخلفين. وشهد الله لمن يحافظ على صلاة الجماعة في المساجد بالإيمان، حيث يقول سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ١ [التوبة: 18]. إن صلاة المسلم مع الجماعة تفضل على صلاته وحده بسبع وعشرين درجة، أي فضلٍ أعظم من هذا؟! إنه لو قيل للناس: إن


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.