العبادات الواجبة والمستحبة. فالله سبحانه جعل لأهل كل ملة يومًا يتفرغون فيه للعبادة، ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا، فيوم الجمعة يوم عبادة، وهو يوم هذه الأمة وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، ويوم الجمعة ميزان الأسبوع.
عباد الله: إنه يستحب التبكير في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة؛ ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأولى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ قُبَيْلَ خُرُوجِ الإِْمَامِ» ([1]).
فلما كان يوم الجمعة في الأسبوع كالعيد في العام، وكان العيد مشتملاً على صلاة، وذبح قربان، وكان يوم الجمعة يوم صلاة - جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القربان وقائمًا مقامه، فيجتمع للرائح فيه إلى المسجد الصلاة والقربان. فانظروا يا عباد الله إلى هذا الفرق العظيم بين أجر من يبكر إلى الجمعة فيأتي في الساعة الأولى، وأجر من يتأخر فلا يأتي إلا في الساعة الأخيرة، إنه الفرق بين من يهدي البعير ومن يهدي البيضة. بل إن من يتأخر إلى دخول الإمام فإنها تطوى عنه الصحف ولا يكتب له قربان بعد ذلك. إننا نرى بعض الناس -هداهم الله- يتأخرون عن الحضور إلى الجمعة إلى وقت دخول الإمام، ولا تسمح نفوسهم بالتقدم والتبكير بخلاً بالوقت وتشاغلاً
([1]) أخرجه: البخاري رقم (881) ومسلم رقم (850).