×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

ومما يختص به يوم الجمعة كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي ليلته، وأمر صلى الله عليه وسلم بالاغتسال في هذا اليوم وهو أمر مؤكد في حق من به رائحة كريهة يحتاج إلى إزالتها بالغسل. ويستحب التطيب فيه وهو أفضل من التطيب في غيره من الأيام. ويستحب أن يلبس فيه أحسن اللباس الذي يقدر عليه. وفي هذا اليوم ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» ([1]).

أيها المسلمون: مع هذه المزايا الكثيرة والفضائل العظيمة لهذا اليوم الذي جعله الله موسمًا عظيمًا لنيل الدرجات وتكفير السيئات. نرى بعض الناس لا يقيم لهذا اليوم وزنًا ولا يحسب له حسابًا، ولا يعرف هذا اليوم إلا أنه يوم عطلة وفراغ يقضيه في اللهو واللعب، وربما في المعاصي، يسهر ليله ويقضي نهاره بذلك، لا يعرف عن هذا اليوم إلا أنه يوم نزهة يعطي فيه نفسه ما تشتهي، والبعض من الناس ينفرون من البلد إلى البراري ولا يحضرون صلاة الجمعة، وقد نص العلماء على أنه لا يجوز السفر في يوم الجمعة لمن تلزمه صلاة الجمعة بعد دخول وقتها وذلك حين تزول الشمس حتى يصليها، إلا إذا كان سيؤديها في مسجد في طريقه، وأما السفر في أول النهار فمكروه. هذا حكم السفر الذي «قد» ([2]) يكون الإنسان محتاجًا إليه فكيف بمن يخرج من البلد في هذا اليوم لتضييع الوقت والتغيب عن الصلاة، إن التحريم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (893)، ومسلم رقم (852).

([2])  سقط من طبعة دار المعارف