فَشَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ،
وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ لاَ غِنًى بِكُمْ
عَنْهُمَا: فَتَسْأَلُونَ اللهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ» ([1]).
عباد الله: لقد بين لكم رسول
الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف فضل هذا الشهر وما فيه من الخيرات
وحثكم على الاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة من فرائض ونوافل، من صلوات وصدقات، وبذل
معروف وإحسان، وصبر على طاعة الله، وعمارة نهاره بالصيام وليله بالقيام، واجتهاد
في الدعاء والذكر، وطلب لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. فلا تضيعوه بالغفلة
والإعراض كحال الأشقياء الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فلا يستفيدون من مرور
مواسم الخير عليهم، ولا يعرفون لها حرمة، ولا يقدرون لها قيمة، فيا أيها العاصي تب
إلى ربك، وانتبه لنفسك، واستقبل هذا الشهر بالإقبال على الله، فإن الله يغفر
الذنوب جميعًا، وداوم على التوبة والاستقامة في بقية عمرك، لعل الله يختم لك
بالسعادة، ولعلك تكتب في هذا الشهر من جملة العتقاء من النار، شهر رمضان تفتح فيه
أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، ويصفد فيه كل شيطان، وتتنزل فيه الخيرات
من الرحمن، شهر عظمه الله فعظموه، وضيف كريم سينزل بكم فأكرموه، واحمدوا الله على
بلوغه واشكروه.
عباد الله: كثير من الناس لا يعرفون هذا الشهر إلا أنه لتنويع المآكل والمشارب، فيبالغون في إعطاء نفوسهم ما تشتهي ويكثرون من شراء الكماليات التي لا داعي لها، ومعلوم أن الإكثار من الأكل يكسل عن الطاعة، والمطلوب من المسلم في هذا الشهر أن يقلل من الطعام
([1]) أخرجه: ابن خزيمة رقم (1887)، والبيهقي في ((الشعب)) رقم (3608).