حتى ينشط للعبادة.
والبعض الآخر لا يعرف شهر رمضان إلا أنه شهر النوم والبطالة، فتجده معظم نهاره نائمًا
فينام حتى عن أداء الصلاة المفروضة. والبعض الآخر من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا
أنه وقت للسهر في الليل على اللهو واللعب والغفلة، فإذا فرغ من سهره تسحر ونام عن
صلاة الفجر، والبعض الآخر يجلس على مائدة إفطاره ويترك صلاة المغرب مع الجماعة.
هذا ما عليه كثير من الناس اليوم في شهر رمضان، إنهم يضيعون فيه الواجبات ويرتكبون
فيه المحرمات، ولا يخشون الله ولا يخافونه، فما قيمة رمضان عند هؤلاء وماذا
يستفيدون منه؟! والبعض الآخر من الناس لا يعرفون شهر رمضان إلا أنه موسم للتجارة
وعرض السلع، فينشطون على البيع والشراء فيه ويلازمون الأسواق ولا يحضرون المساجد
إلا قليلاً من الوقت وعلى عجل، فصار رمضان عندهم موسمًا للدنيا لا للآخرة، يطلب
فيه العرض الفاني، ويترك النافع الباقي. وصنف آخر من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا
أنه وقت للتسول في المساجد والشوارع، فيمضي أوقاته بين ذهاب وإياب، ويظهر نفسه
بمظهر الفقر والفاقة، وهو كذاب مخادع، أو يظهر نفسه بمظهر المصاب بالآفات وهو سليم
معافى فيجحد نعمة الله، ويأخذ المال بغير حق، ويضيع وقته الغالي فيما هو مضرة
عليه.
هذا قدر شهر رمضان
في عرف هذه الأصناف من الناس، وهذا من أعظم الحرمان لهم وأشد المصائب عليهم؛ حيث
ضيعوا الفرصة على أنفسهم، وأعرضوا عن فوائد هذا الشهر، وصرفوا أوقاته في غير ما
هيئت له.
عباد الله: كان النبي صلى الله
عليه وسلم يجتهد في هذا الشهر أكثر مما يجتهد في غيره، بل كان يتفرغ فيه من كثير
من المشاغل ويقبل على عبادة ربه.