الشهوات، فإذا أعطاها الإنسان ما تشتهي دائمًا
تغلبت عليه وربما انحرفت به إلى ما لا تحمد عُقباه، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلنَّفۡسَ
لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ﴾ [يوسف: 53]. فالصائم يملك زمام نفسه وينتصر عليها.
ومن فوائد الصيام: أنه يضعف مجاري
الشيطان في البدن؛ لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فالعبد إذا أتاح لنفسه ما
تطلبه من الشهوات فإن ذلك مما يساعد الشيطان على التمكن منه وإضلاله وحمله على
الأشر والبطر وغير ذلك من الخصال الذميمة، والصيام يسد هذا الباب من أساسه ويطرد
الشيطان.
ومن فوائد الصيام: أنه يذكر العبد
بنعمة الله عليه، فإنه إذا ذاق مس الجوع والعطش، عرف قدر نعمة الله عليه، حيث يسر
له الطعام والشراب في أوقات الحاجة إليه فيشكر الله على ذلك، ويعرف حاجته إلى ربه.
ومن فوائد الصيام: أنه يحمل على
الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين؛ فإن الصائم إذا جاع تذكر الجائعين، وإذا عطش تذكر
العطشى؛ فيحملهُ ذلك على البذل والصدقة والإحسان إلى المحتاجين.
ومن فوائد الصيام: أنه يقمع الكبر
والترفع على الناس؛ فإنه إذا صام الغني والفقير والملك والصعلوك والشريفة والوضيع،
فإن العبد يتذكر أنه لا فضل لأحدٍ على أحد إلا بالتقوى، وأن الناس كلهم عباد الله،
تجري عليهم أحكامه على حد سواءٍ.
ومن فوائد الصيام: أنه سبب لاجتماع
كلمة المسلمين وارتباط بعضهم ببعض؛ فإنهم يصومون في وقت واحدٍ، ويفطرون في وقت
واحدٍ؛ فكان ذلك مما يسبب ائتلافهم ويُزيل أسباب الفرقة والنفرة فيما بينهم.