×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

ومن فوائد الصيام: أنه يسهل فعل الطاعات، فمن يُلاحظ حال الصائمين في رمضان وما هم عليه من تحري الطاعة وتحري سبيل الخيرات وابتعادهم عن المعاصي ورغبتهم في الإحسان، يُدرك أن الصوم من أعظم أسباب الهداية، ويُدرك معنى قوله تعالى: ﴿وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ [البقرة: 184] وقوله صلى الله عليه وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» ([1]) أي: وقاية من المحذور.

ومن فوائد الصيام: أنه يُسبب صحة البدن بخلو المعدة من أخلاط الطعام المضرة، ففيه صحة للقلب من الأخلاق الذميمة وصحة للبدن من الأمراض المؤذية، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا تحصى.

عباد الله: واعلموا أن للصوم آدابًا تجبُ مراعاتها؛ فالصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنهُ عن الطعام والشراب، وفرجه عن الرفث، فإن تكلم لم يتكلم بما يجرحُ صومهُ، وإن فعل لم يفعل ما يُفسدُ صومه؛ فيخرج كلامه نافعًا صالحًا، وكذلك أعماله؛ فهو بمنزلة الرائحة التي يشملها من جالس حامل المسك، كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته وأمن فيها من الزور والكذب والفجور والظلم، هذا هو الصوم المشروع لا مُجرد الإمساك عن الطعام والشراب.

ومن آداب الصيام: ألا يُكثر من الطعام في الليل بل يأكل بمقدار، فإنه ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه، ومتى شبع أول الليل لم ينتفع بنفسه في باقيه، وكذلك إذا شبع وقت السحر لم ينتفع بنفسه في غالب النهار؛ لأن كثرة الأكل تورث الكسل والفتور، ثم إنه يفوت المقصود


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1795)، ومسلم رقم (1151).