×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الأول

للعبادة في هذه العشر. فينبغي لك أيها المسلم أن تتفرغ فيها من أعمال الدنيا أو تُخفف منها، وتشتغل بالعبادة اقتداء بنبيك وطلبًا للأجر وغفران الذنوب.

ومن خصائص هذه العشر المباركة الاجتهاد في «قيام» ([1]) الليل وتطويل الصلاة بتطويل القيام فيها والركوع والسجود. وإيقاظ الأهل والأولاد ليُشاركوا المسلمين في إظهار هذه الشعيرة ويشتركوا في الأجر والثواب، ويتربوا على العبادة وتعظيم هذه المناسبات الدينية. وهذا أمر يغفل عنه الكثير من الناس فيتركون أولادهم يلعبون في الشوارع ويسهرون لمزاولة أمور تضرهم في دينهم ودُنياهم. وإنه لمن الحرمان العظيم والخسارة الفادحة أن ترى كثيرًا من المسلمين تمُر بهم هذه الليالي العظيمة وهم وأهلوهم وأولادُهم في غفلة مُعرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم؛ يسهرون معظم الليل في اللهو الباطل، فإذا جاء القيام والتهجدُ ناموا وفوتوا على أنفسهم خيرًا كثيرًا لعلهم لا يُدركونه بعد عامهم هذا، وحملوا أنفسهم وأهلهم وأولادهم أوزارًا ثقيلة لم يُفكروا في سُوء عاقبتها. إن هذا من تلاعب الشيطان بهم وصده إياهم عن سبيل الله. قد يقول قائل: إن هذا القيام نافلة وأنا يكفيني المحافظة على الفرائض. والجواب عن ذلك أن نقول: إن المُحافظة على الفرائض فيه خيرٌ كثيرٌ ولا تسألُ إلا عنها، ولكن ما الذي يُدريك أنك أديت الفرائض بالوفاء والتمام، فأنت بحاجة إلى النوافل ليُكمل بها نقص الفرائض يوم القيامة؛ روى الترمذي وغيره: «قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ،


الشرح

([1])  زيادة من طبعة دار المعارف.